اليوم تبرز الحاجة الملحّة إلى تسليط الضوء على الدور المحوري للشباب السوري في إعادة بناء الاقتصاد الوطني. فهذه الشريحة الواسعة من المجتمع تزخر بطاقة متجددة، وطموحات واعدة، وحافز داخلي يدفعها نحو الإسهام الفعّال في مختلف القطاعات، من الاقتصاد والتكنولوجيا إلى التعليم والتنمية المجتمعية. في هذا المقال، نسلّط الضوء على الأسباب التي تجعل من تمكين الشباب ضرورة وطنية ومسؤولية جماعية.
في ظل التحولات العميقة التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية، تبرز اليوم فرصة حقيقية أمام الشباب السوري ليكونوا المحرّك الأساسي لعملية النهوض الوطني. ورغم التحديات المتعددة التي فرضتها سنوات النزاع، فإن ما يمتلكه الشباب من طاقة، طموح، وإصرار يجعلهم القوة الكامنة القادرة على إحداث التغيير وتحقيق التنمية.
يمثل الشباب مورداً بشرياً حيوياً لا غنى عنه في عملية إعادة الإعمار والتنمية. فهم يمتلكون مقومات العمل والإبداع، ويشكلون النسبة الأكبر من السكان في الفئة العمرية المنتجة. إن توظيف مهاراتهم في قطاعات حيوية كالتكنولوجيا، البناء، التعليم، والرعاية الصحية، يضمن إرساء أسس اقتصاد حديث ومتطور قادر على المنافسة إقليمياً وعالمياً.
تُعد تكنولوجيا المعلومات من أبرز المسارات التي يمكن للشباب السوريين أن يلعبوا فيها دوراً محورياً، لا سيما في ظل ازدياد الاعتماد على الحلول الرقمية في مختلف القطاعات. ومع توفر بيئة أكثر استقراراً، يمكن تحفيز الشباب على الابتكار من خلال تأسيس شركات ناشئة، وتطوير تطبيقات رقمية تلبّي حاجات المجتمع المحلي. هذا التوجه يخلق فرص عمل جديدة ويُساهم في تنشيط الاقتصاد وتخفيض معدلات البطالة.
تتطلب المرحلة الراهنة مواءمة المناهج التعليمية مع متطلبات السوق، لضمان إعداد جيل قادر على الاستجابة لاحتياجات القطاعات الإنتاجية والخدمية. إن تطوير البرامج المهنية والتقنية، وتوفير فرص التدريب العملي، سيمكّن الشباب من اكتساب المهارات التطبيقية المطلوبة. ومن الضروري إقامة شراكات فعّالة بين الجامعات، مؤسسات التدريب، والشركات، لتعزيز الجاهزية المهنية لدى الشباب.
تُعد ريادة الأعمال من الحلول المستدامة لتقليص معدلات البطالة، وتحفيز الاقتصاد المحلي. من خلال دعم إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يمكن تمكين الشباب من تحويل أفكارهم إلى مبادرات واقعية تسهم في التنمية. ويتطلب ذلك توفير بيئة مشجعة تشمل تمويلًا ميسرًا، تدريبًا تخصصيًا، واستشارات إدارية وقانونية.
يكتسب دور الشباب في تحقيق التنمية المستدامة أهمية متزايدة، خصوصًا في مجالات الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة. إن انخراطهم في مبادرات بيئية مثل التدوير، الطاقة الشمسية، وإدارة الموارد الطبيعية، يسهم في بناء مستقبل متوازن يجمع بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. ويتطلب هذا تقديم دعم حكومي ومنح تدريبية وتمويل لمشاريع بيئية يقودها الشباب.
إن تمكين الشباب السوري ليس مجرد خيار، بل ضرورة وطنية لتحقيق الاستقرار والنهوض. فمن خلال استثمار قدراتهم، وتوجيه طاقاتهم، يمكن بناء سوريا حرة، حديثة، وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل بثقة وإبداع.